السبت، 12 يوليو 2014

ألف، باء، جيم

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل ثلاث سنوات حدث أمر عكّر صفو علاقتي بأحد المضافين عندي في موقع (FaceBook)، ورغم أن هذا الأمر خارج عن إرادة كلينا، إلا أنه استطاع تعكير الصفو، وظلّت بيننا علاقة عداء خفي، إذ أنها بقيت رهينة السر لم يعلم بها أحد، ولست متأكدا إن كان الطرف الآخر يبادلني العداء أصلا، كان همي منحصرا في إضمار الشر له، حتى يُكتب للشر الإظهار بعد الإضمار، وهذا ما لم يحدث، سأسمي هذا الشخص: (أ).

بعد أن خبت ناري ضد هذا الشخص قليلا، ظهر شخص آخر، سأسميه: (ب)، وقد قام بمثل فعل (أ)، لكن وسيلته كانت أشد قبحا، وأخلاقه كانت دنيئة تدل على الوحل الذي نشأ فيه، لكنه كان مكشوفا ويعلم أغلب الناس بتناقض أفعاله مع أقواله، ظاهره مع باطنه، كان -وأحسب أنه لا يزال- كتلة تناقض تمشي على الأرض، وسيبقى هكذا إلى أن يموت، أو يختصه الله بمعجزة تعيده إنسانا مرة أخرى، قاتله الله.

أما الشخص الثالث، فمن البديهي أنني سأسميه: (ج)، وهو أيضا قام بنفس فعل من سبقوه، لكن باحترام بين هذا وذاك، أي: أقل بقليل من (أ)، وأكثر بكثير من (ب)، وبقي أن أقول أن أثر الضرر من أفعال هؤلاء الثلاثة واحد، لم يزد عند أحد، ولم ينقص عند آخر، قاتل الله (ب).

كنت قد قرأت كثيرا عن أمر، مفاده: "لا صديق دائم، ولا عدو دائم، فقط مصالح مشتركة"، تلك هي السياسة، وتلك هي غالبية العلاقات بين الناس، أقول (غالبية)، ولم أكن قد عايشت موقفا أثبت لي ذلك التنظير، وكنت أظنه أمرا يخص السياسة وحدها، ولن يمسني لأني لن أدخل معتركها فهي لا تستهويني، لكني علمت أنني كنت مخطئا، فلقد مستني بمجرد دخول (أ، ب، ج) في خط سير حياتي، قاتل الله (ب).

قبل شهور قليلة، كنت ألعب كرة القدم (مباراة الخميس)، وفي كل أسبوع كان يتجدد حقدي على أحد الموجودين في الملعب، ببساطة.. لأنه (ج)، لكنه بدأ يسلّم علي كلما رآني، وأصبح يعرفني باسمي، رغم أنه وقت فعل فعلته الشنيعة لم يكن يعرفني، وطلبني مع أصدقائه أكثر من مرة لألعب معهم بسبب نقص في فريقهم، فصفى قلبي ناحيته، لأني اكتشفت أنه سليم القلب ولا يحمل من الخبث ما يحمله (ب) قاتله الله.

من يصدق، أحد أكثر المتفاعلين معي في (Twitter) اليوم هو (أ)..!! أصبح صديقا بمنزلة قريبة، وكم كنت أعمى البصيرة حين أعلنت الحرب ضده..!! لم يكن يقصد فعل ما فعله لإيقاع الأذى بي، وأنا الآن على يقين لو أنه كان يعلم لما أقدم على ما فعل، لماذا؟ لأنه ذو قلب صاف، وليس كقلب (ب) قاتله الله.

من يعلم، ربما أكتب بعد مدة مقالا أمتدح فيه (ب) قاتله الله..!! هو أمر مستبعد جدا، لأنني أعرفه جيدا، وأعلم مدى نفاقه الاجتماعي، ومدى تلونه لنيل مصالحه، فمن يدّعي التدين ويرخي لحيته لأجل أمر دنيوي، ثم يحلقها بعد نيله مبتغاه، لا يُؤمن شرّه، ولا يُرتجى منه خير أبدا.

أقول، لا تُحب بكل ما فيك فتُصدم، ولا تبغض بكل ما فيك فتندم، بل وازن بين هذا وذاك، واصنع الخير مع كل من تقابل، فإنك لا تعلم ما سيكون عليه حالكما بعد يوم، ولست تدري أهو ممن سيكون خلك الوفي، أم عدوك اللدود، أو ربما سيرحل عن دنياك ولن تراه مرة أخرى، إذن.. فمن باب الاحتياط: حسّن علاقتك به.

واعتبر بما قاله سيدنا علي رضي الله عنه: "أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن تبغضه يوما ما، وابغض عدوك هونا ما، عسى أنه تحبه يوما ما"، لا تدري لعل عدو اليوم هو حبيب الغد، ولعل العكس.

كن حليما في تلقّي الأذى، حكيما في ردّه، وعادلا عند الانتقام، فإنما نحن أيام، وإنما الأيام ستمضي، وبعد المضي سيبقى الأثر، فاجعله طيبا لتطيب حيا وميتا، ولا يكن صدرك ضيقا على أحد، اعدل في الخصومه ولا تفجر، وإن أوذيت ممن يشبه (أ) أو (ج) فادعُ له بالهداية، فلربما صرتما بمنزلة الأخوين، وإن أوذيت ممن يشبه (ب)، فعليك بالدعاء عليه فقط، ولا تدنس يديك بإيذائه، ولا لسانك بذكره بسوء فيأخذ من الحسنات ما تعبت أنت بالحصول عليه، كن على حذر، واقصد في الغضب والرضا.

سعد المحطب
11-7-2014

Twitter: @Saad_ALMohteb

هناك تعليق واحد:

  1. اقصد فالغضب والرضا...


    فليس كل صديق صدوق ...وليس كل عدو عدو.

    ردحذف