الجمعة، 7 نوفمبر 2014

نام الإطار



بسم الله الرحمن الرحيم

ذهبت قبل شهر لإجراء الصيانة الدورية لسيارتي، فطلب مني الموظف دفتر ملكية السيارة، بحثت عنه فلم أجده، فقام الموظف -مشكورًا- بتدبر الأمر بلا دفتر، وانتهى ذلك الموقف.

عندما عدت للبيت، لم أذر بقعة في السيارة إلا بحثت فيها، لكن دون جدوى، إذن فلا حل إلا باستخراج (بدل فاقد)، تكاسلت كثيرًا وأخّرت الأمر لأجل غير مسمى.

حان موعد الذهاب لعيادة الأسنان في (الخفجي) بعد ذلك الموقف بأيام، ولم أستطع -بطبيعة الحال- أن أذهب بسيارتي لأني لن أستطيع تجاوز الحدود.. لا بأس، فصهري (عمر) أبدى استعداده للذهاب معي بسيارته، وهكذا حُلّت المشكلة.

قبل موعدي المقرر معه بساعات قليلة اعتذر لعدم استطاعته، لأنه سيوصل والدته (عمتي) لمكان ترغبه، وقد يتأخر، قلت: "لا بأس"، واتصلت بصديقي (محمد) وأخبرته بالأمر، فأبدى استعداده للذهاب معي، وأتى إليّ في البيت لنذهب معًا.

ما إن ركن سيارته حتى بشّرني: "مكيف الهواء لا يعمل، والجو حار.. والخيار لك".

تذكرت أن سيارة أختي مسجلة باسمي، فأعلمتها بالأمر وأخذت مفتاح السيارة، وصلت إلى الموعد متأخرًا قليلًا، وتناولنا عشاءنا -أنا ومحمد- في مطعم الطفولة: (الأرنب الجائع)، ثم عدنا للكويت.

قرأت لوحة إرشادية تخبرنا بأننا في منطقة (بنيدر)، ثم بعد دقيقة بدأت أسمع صوت خلل في إطارات السيارة، توقفت جانبًا، فإذا به قد غط في سبات عميق، والهواء لا يزال يُفرغ منه.

تدبرنا أمرنا وأصلحنا الخلل بعد أحداث درامية استمرت لقرابة الساعتين، ثم حُلّت المشكلة وعدنا للبيت.

خلاصة الأمر.. لم أغضب مما حدث ولو لحظة، بل ما ازددت إلا يقينًا ببديع صنع الله وحسن تدبيره للأمور.

لأوضح الأمر:

"إطار سيارة أختي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكان على وشك الانفجار.

بفضل الله.. أضعت دفتر ملكية سيارتي، ولم أستطع السفر بها، واعتذر صهري في الساعات الأخيرة قبل الموعد، ثم تعطّل (التكييف) في سيارة صديقي.

كل ما حدث أجبرني على استعارة سيارة أختي للذهاب إلى الموعد، ليحدث ما حدث للإطار معي أنا وليس معها هي في اليوم التالي، وهذا أمر لو حدث -لا قدّر الله- سيسبب ربكة وتعطيلًا لها، وربما لأبي أو أخي أو لي".

وددت لو أني أستطعت التعامل مع كل الظروف بتلك العقلية التي ألهمني إياها ربي في يوم موعد طبيب الأسنان، فلا شيء يحدث لنا -خيرًا أو شرًا- إلا لحكمة قد نعلمها أو نجهلها، المهم هو أنها تحدث لحكمة.

في هذا المقام، يقول (ابن القيّم) رحمه الله: "لو علمتم كيف يدبّر الله لكم الأمور، لذابت قلوبكم من محبته".

قد يقول قائل أني أتحدث بالمثاليات، لكن هذا القائل لو علم شدة بُغضي لها لما قال ما قاله، أنا أحدثك عن إله يَعلم ما لا يُعلم، فهل سيعزب عنه أمر بسيط كالذي حدث معي..!!

انظر للتدبير، وانظر للنواميس المنتظمة، هل تعرف دقة مثلها؟ لا والذي براك وبراني، لا تنقص ذرة إلا ليُتاح المجال لغيرها لتأتي بأفضل ما كانت تلك تأتي به، ولا تكون مشكلة إلا لتُحل مصيبة.. أقلّها أن الذنوب تُكفّر بالبلاءات.. ألا يكفيك ذلك؟

دع الخلق للخالق، وارضَ بما يحصل، ولا تكن ممن يشتكي الخالق للخلق، فإن ذلك إثم عظيم.

سعد المحطب
الكتابة: 4-11-2014 
النشر: 7-11-2014
TWITTER: Saad_ALMohteb