الثلاثاء، 19 مايو 2020

خطوات التطبيع


خطوات التطبيع

بعث لي الصديق (عبدالعزيز القحطاني) مقطعًا قبيحًا، وأتبعه بالآتي: "هذا وقتك يا أبا جمانة لترد على الأنجاس، أخرج قلمك من غمده واجلدهم واجعلهم عبرة لمن لا يعتبر"، شاهدته مرارًا، ربما (20) مرة.. أو يزيدون، أريد أن تخرج مني الكلمات بعقل وتروّ، أخشى أن أندفع؛ فأسمّي الأشياء بمسمياتها، فهذا إن حدث؛ لن ينثني من ظهر في المقطع عن رفع ألف قضية ضدي.

يقوم ممثل بتأدية دور حاخام، ويقف بجانب مسلم أمام ضابط شرطة، يقول ما نصّه: "إحنا نعيش بمكان واحد.. ميخالف، كل واحد يعرف اللي له واللي عليه، لكن إحنا نتناسب؟ لا وألف لا، شوف يا حضرة الضابط، اللي بينا وبينهم سنين طويلة، مو توّه، مو جديد، من زمان، من أيام خيبر إلى اليوم وإحنا تحت الظلم وتحت الإهانة"، انتهى كلامه.

ينكر بعض بني جلدتنا أن المسلسل يروّج للتطبيع، حجتهم في ذلك أنهم يظهرون اليهود لصوصًا وخونة، ويبينون خبثهم أمام الملأ، فليس من مصلحة الصهاينة أن يُنتج عمل بهذه الطريقة، وكأن الصهاينة لو أرادوا منع شيء كهذا ستستطيع (حياة الفهد) أن تردعهم، لكن المعروف والمعلوم لدى العقلاء أن اليهود أذكى من ذلك، هم أعداؤنا، لكننا لا ننكر ذكاءهم، وإنما ننكر دهاءهم.

وبتعريج بسيط عن صلب الموضوع؛ سأشرح الفرق دون إطالة:

الداهية يستطيع تدبّر أمره، وتخليص نفسه إن وقع في مشكلة مفاجئة، وعادة ما يفكر بحلول خارج الصندوق، قصص دهاء (عمرو بن العاص) رضي الله عنه لا تكاد تُحصى، أما الذكاء فهو أن الرجل لا يتورط في أمر إلا إن علم كيف يخرج منه، وإن حصل وتورّط فإنه يلجأ للمنطق، وكتاب (الأذكياء – لابن الجوزي) مليء بالأمثلة، إذن: فالذكي لا يدخل متاهة لا يعرف طريق الخروج منها، أما الداهية فيدخلها ولا يبالي، وكلاهما في الغالب خارج منها.

أقول: ذكاء اليهود يقتضي أن يرضوا بالمسلسل، بل ويباركوه ويدافعوا عنه، إما شخصيًا وإما بإرسال أذنابهم من المسلمين الخونة، لهذا نجد بعض من ينتسبون للإسلام يذودون عن المسلسل كما يُذاد عن العرض، ويتباهون بأننا استطعنا عن طريق الإعلام أن نحارب خبثهم ودناءتهم، والمدافعون هنا ينقسمون لقسمين: قسم الأذناب كما أسلفنا، وقسم جاهل لا يستقرئ ولا يستنبط، الأول واجب محاربته، والثاني واجب نصحه وإرشاده.

          الضحية لن تقبل المجرم دفعة واحدة، التقبل يأتي على مدى سنوات، ولا بأس في ذلك عند اليهود، فلديهم كل الوقت، ليسوا على عجلة في شيء، كيف لا وهم تلاميذ (إبليس) الذي انتظر عشرة قرون حتى يضل الناس بعبادة الأصنام، فعن (عكرمة) أنه قال: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام"، والحديث صححه (الألباني) في سلسلة الأحاديث الصحيحة (854/7).

          انتظر (إبليس) ألف سنة، وأتباعه معه منتظرون، الصهاينة لعنهم الله لم تكن لهم الجرأة في طلب التطبيع مع المسلمين في الأربعينيات أو الخمسينيات، فأبناء تلك الحقب عاينوا الاحتلال وقيام ذلك الكيان، انتظروا بضعة عقود بثوا خلالها سمومهم عبر الإعلام، ساعدهم في ذلك الخونة من المسلمين على مدى عشرات السنين، حتى استطاعوا إيجاد أتباع لا يخشون إعلان التطبيع، بل وصل الأمر ببعض المطبعين من الذلة والخسة أن يطلبوا تأشيرة دخول إلى الأرض المغتصبة، وما هذه التأشيرة إلا اعتراف بذلك الكيان بكونه (دولة).

          بقيت دولة الكويت عصية على أطماعهم بالتطبيع، دولة اتحدت كلمة حاكمها وبرلمانها وشعبها في رفض الاعتراف، فأرسل الكيان الصهيوني النجس أحد أذنابه المتمثل بقناة (MBC) المشهورة بدعمها لكل فساد وعهر أخلاقي، فأنتجوا مسلسل (أم هارون) بخبث وذكاء يهودي، إذ أعطوا البطولة لممثلة من الكويت، ثم أظهروا أنفسهم (اليهود) بصورة قبيحة، مع استجداء بعض الاستعطاف من المغفلين الذي سبق وصفهم بمن لا يستقرئون ولا يستنبطون، فالخطة تقتضي أن يظهروا كذلك في البداية، ثم سيظهرون منهم الودّ، وأن الخبث منحصر في قلة منهم، شأنهم شأن باقي الديانات، بعد ذلك يظهرون الخبث كفعل شاذ عنهم، ولا يصدر إلا من الإسرائيليين ذوي الأصول العربية، وفي النهاية سنجد أجيالًا مسلمة تألف الصهيوني، فتعتبره شريكًا في الوطن، ولا بأس بوجوده، هو إنسان في النهاية..!!

          نحن، بفضل الله، نرى اليهودي نجسًا، وذلك لسلامة عقيدتنا وفطرتنا، لسنا مثل ذلك المسلم في المشهد المذكور آنفًا، فحين ادعّى الممثل أن الظلم واقع على اليهود منذ أيام خيبر؛ نكّس المسلم رأسه، كأنه يقرّه على ما قاله، يقرّه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ظلم، وحاشى لرسولنا ذلك.. حاشاه رغمًا عن أنف كل طاقم المسلسل الملعون.

اليهود أهل غدر، التطبيع معهم ضعف وهوان وخيانة، هكذا عُلّمنا، وهكذا سنعلم أبناءنا، ستبقى الكويت بإذن الله عصية عليهم، وسيرجع الرشد لكل حاكم مسلم زلّ وضعف، أو سيبدله الله ليأتي بخير منه.

سعد المحطب
19-5-2020

هناك تعليق واحد: